
كاتب
تُعدّ جزيرة الفصح، المعروفة محليًا باسم “رابا نوي”، واحدة من أكثر الجزر غموضًا وسحرًا في العالم. تقع في جنوب شرق المحيط الهادئ، وتتبع دولة تشيلي رغم بُعدها الكبير عن الساحل القاري، وتُعدّ من أكثر المناطق المعزولة على وجه الأرض.

التماثيل الصخرية (المواي): أسرار ضخمة محفورة في الصخر
تشتهر الجزيرة عالميًا بتماثيلها العملاقة المعروفة باسم “مواي”، والتي يزيد عددها عن 900 تمثال، نُحتت من الصخور البركانية قبل قرون. يتراوح ارتفاعها بين مترين و10 أمتار، ويُعتقد أن بعضها كان يرمز إلى أسلاف مقدّسين أو زعماء قبليين.
الغموض لا يكمن فقط في حجم التماثيل، بل في الطريقة التي نُقلت بها من محاجر الصخور إلى أماكن نصبها، رغم عدم امتلاك سكان الجزيرة في ذلك الوقت أي أدوات حديثة أو وسائل نقل متطورة. وتبقى كيفية تحريك هذه التماثيل الثقيلة لغزًا يثير دهشة العلماء حتى اليوم.
أصل السكان وثقافتهم
يُعتقد أن سكان جزيرة الفصح الأصليين قدموا من جزر بولينيزيا قبل حوالي ألف عام، وأسسوا حضارة غنية بالفن، اللغة، والدين. ومع مرور الزمن، عانت الجزيرة من تدهور بيئي وصراعات داخلية، أدّت إلى انهيار حضارتها التقليدية قبل وصول المستعمرين الأوروبيين في القرن السابع عشر.
رغم كل هذا، لا تزال اللغة الأصلية (رابا نوي) تُستخدم إلى جانب الإسبانية، وتحافظ الجزيرة على جزء كبير من هويتها الثقافية الخاصة.
السياحة والتراث العالمي
أدرجت اليونسكو جزيرة الفصح ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، نظراً لأهميتها الثقافية والإنسانية. وتُعدّ الجزيرة اليوم وجهة سياحية فريدة تجذب الزوار من أنحاء العالم، الذين يأتون لاكتشاف التماثيل، المناظر البركانية، والشواطئ الهادئة.
وتُعدّ منتزه رابا نوي الوطني أبرز مناطقها، حيث تنتشر التماثيل وتظهر آثار القرى القديمة ومعابد العبادة الحجرية.
خاتمة
جزيرة الفصح ليست مجرد جزيرة معزولة في عرض المحيط، بل هي صفحة غامضة من التاريخ الإنساني، تسكنها أسئلة أكثر من الأجوبة. بين تماثيلها الصامتة وتاريخها العريق، تظل الجزيرة رمزًا للإنجاز البشري في مواجهة العزلة، والبحث الدائم عن المعنى والخلود.